السبت، نوفمبر ١٨، ٢٠٠٦

عندما قالت لى: أنا ساقعانة عشان بقالى 15 يوم فى الشارع

جلست بجوارها , كانت ترتعد بجشدها الصغسر و عمرها الذى لا يتجاوز العاشرة أعوام ,ٍسألتها "مالك يا حبيبتى؟" قالت لى"انا ساقعانة نظرت اليها نظرة دهشة فهذا اليوم كان من أدفأ أيام شهر نوفمبر المتقلب,و أظن أنها تفهمت دهشتى فسارعت بالتبرير"أصلى بقالى 15 يوم ببات فى الشارع"و هنا تـاكدت أنها جزء من المشكلة التى ذهبت للمحافظة لتغطيتها صحفياً بالنيابة عن صديقة
لم أكن أعلم أى شى عن ما أنا ذاهبة اليه , كل ما علمته من صديقتى أن هناك مجموعة من سكان منطقة القبارى قامت المحافظة بهدم منارلهم
تحمست للذهاب هذا كل ما فى الأمر
الصحافة جت : هلل أحد الأفراد عندما رأنى أخرج الكاميرا من الحقيبة ,لم أجد ما أقول سوى " ما تقلقوش يا جماعة ",لا أعرف لما قلت تلك الكلمة التى أكرهها و أعلم أنى لا أقولها سوى عند علمى بأنه ليس نيدى شئ
جلست بجوار سيدة مسنة و لكن يملأ عينيها التحدى و قررت أن اسأل السيدة عن أصل المشكلة الى أن ياتى باقى الأصدقاء," هو ايه الحكاية بالضبط يا حاجة؟", قالت لى :" ولاد ال.... هدوا بيوتنا فو قينا و رمونا فى الشارع", سالت:"هدوها ليه يا حاجة ؟" قالت لى :عشان يو سعو المينا.
طيب و يا حاجة مش حيدوكو مكان تانى؟, قالتلى ماهوم مس عايزين يدونا أى حاجة, رحنا لرئيس الحى قالنا " اتحرقوا و أنا مالى و الموظفين انخدوا فلوس كتير و احنا غلابة , ده من يومين مات أنو المحامى بتاعنا من الساقعة و لما المحامى قال للأمن أنتوا اللى موتوا أبويا, قالولوا ما يموت ولا يروح فى ستين داهية.
مشيت قليلاً بين الناس الى أن أتى أصدقائى. و عندما أتى أصدقائى قررنا أن نذهب معهم الى مسكنهم أو ما كان مسكنهم
ذهنت لأول مرة فى حياتى الى تلك المنطقة ظنت انى فى الأراضى المحتلة , عربات أمن مركزى كثيرة و بلدوزرات تتهادى و هى تهدم و خيام مصنعة من المشمع و ناس فى الشارع تحت المطر.
سألت : ايه الحكاية بالضبط , جاوبنى شخص" فى شهر يونيو اللى فات اتفجأنا ان فيه حصر للناس و كل الناس فى الشغل و حصل حصر عشوائى فيه غش من الموظفين, سالنا ليه قالولنا أصل المينا اشترت الأرض عشان توسع المينا و دفعت 60 مليون جنيه هما فين , الله أعلم
المهم ودوا ناس مننا مدينة عبد القادر اللى بابظة و ناس مو دهوهاش و احنا ناس غلابة و فى ناس معهاش م يثنت أنهم كااوا ساكنين عشان دى عشوائيات بقالها فوق ال40 سنة.
قررنا أن نذهب الى مدينة مبارك _الله يحرقوا_فى عبد القادر , استقلينا أتوبيس و قلنا له " لما نوصل قلنا"ز ترجلنا من الأتوبيس لنجد أمامنا مدينة جميلة و لكن ليس نها شخص واحد و علمنا أنها ملوكة للقوات المسلحة و أن المدينة الأخرى التى سكن فيها الناس على بعد 5كم
أخيراً وجدناها, الناس فى الشارع و ينامون و يأكلون و يشربون, "ليه أنتوا مش فى شققكوا؟"جاوب أحد الأفراد " ليه أنتوا عايزينا نموت؟, دى الشقق كلها بتنزل مية و سلوك الكهربا عريانة. ده احنا لسة دافنين ست اتكهربت وفى عيلين فى المستشفى بين الحيا و الموت
دخلنا أحد الشقق وجدنا سيدة مسنة تجلس بيا أوانى مملوئة نالماء الذى يتساقط من السقف "لو جيتوا كمان يومين حاكون مت" قالت لنا السيدة المسنة و هى تبكى
ذهبنا لشقة أخرى, فال لنا أحد الواقفون" أنا هاين عليا اقتل ولادى من الذل اللى شايفينه , بس خايف من ربنا" رد اخر " لو اسرائيل دخلت ححارب معاها , دى مش بلدى"و وافق الجميع على ما قاله
قال اخر " مس كتر خيرنا أن احنا ماطلعناش على الاغنيا و سرقناهم وقتلناهم" " هذا حقك " اجبته
و نحن مغادرين , هربنا السكان من الضباط لأنهم لا يريدون أى فرد أن يعلم بتلك المهزلة حتى لا يتقلب الرأى العام ضدهم _اللى هو أصلاً مقلوب
ولا يزال الوضع على ماهو عليه و لا يزال يموت العديد و لا تزال هى سقعانة عشان هى مالهاش بيت

الأربعاء، نوفمبر ٠٨، ٢٠٠٦

صورة الذكريات

هل نحن ننتهى من حيث بدأنا؟
هل بعد أن تختفى أشياء من حياتنا تظهر مرة أخرى كما هى و بدون تغيير؟
هل حياتنا دائرة مغلفة بالأحلام و الذكريات؟
كل هذا خطر ببالى عندما كنت فى زيارة لصديق ووجدت على حائطه صورة لأحد الأشخاص كنت دائماً اسمع عنها و انا صغيرة و أرى صو رتها معلقة على الحوائط المحيطة بى فى كل مكان
لم أكن أعرفها شخصياً , كل ما اعرفه عنها انها انتحرت بسبب احباطها من قسوة و ظلم عالمنا
عاودنى نفس أحساس الطفولة عندما رأيتها على الحائط مرة أخرى بوجهها البشوش و ابتسامتها الملائكية الهادئة
هى باقية منذ طفولتى بنفس ملامحها و نظراتها أما انا فتغيرت كثيراً , و لكن الاحساس الذى راودنى هو نفس الاحساس الذى راودنى عندما رأيت صورتها للمرة الأولى فى طفولتى رغم اختلافى التام و تغييرى الجذرى
عند هذه النقطة أيقنت أننا ننتهى من حيث بدأنا
و ان هناك أشياء لا تتغير بمرور الزمن و بتغيرنا
وان حياتنا دائرة مغلفة بالأحلام و الذكريات