الاثنين، يناير ٣٠، ٢٠١٢

ثلاثة ألوان لا اعلم ماذا تعني لي - 28 يناير كلاكيت تاني مرة

كنت قد أفتفدت مذاق الملح المنهمر من العين على الوجنتين بعد أن أصبح مشهد الدماء التي تستطيع ان تلمسها فى الطرقات مألوف أكثر من صور المخلوع فى الشوارع فى عهده و اليوم أدهشني 28يناير مرة أخري بقدراته السحرية .

العام الماضي كنت أقف وسط مئات الالاف يهتفون بسثوط مبارك فى حين أنه قبل هذا اليوم ب 3 أيام كنا نقف فى مظاهرة بها 30 ناشظ... تأكدت انها ثورة حتشيل ما تخلي.

هذا العام كنت أقف على باب صوان ليس بكبير (صوان أبي و هو فرد واحد كان 4 أضعافه مثلا) مكتوب عليه الذكري السنوية لشهداء جمعة الغضب لا عزاء قبل القصاص.

وقفت و أنا أغلق سترتي حتى لا يظهر بلوفري ذو الألوان المتعددة , و فجاة رأيته فوقي .. شاب يبدو عليه انه أصغر مني بجوالي 6 سنوات على الأقل يبدو من ابتسامته الملائكية أن هذا اليوم كان سعيد بالنسبة له و هو فى قميصه الأبيض .. هذا القميص الذي يتباين مع كل السواد المحيط بي .. و هنا بدأت المعجزة .. بكيت .. لم أبك منذ أحداث ماسبيرو .. حاولت عدة مرات و لم أستطع و لكن فجأة انفجرت فى البكاء.. لماذا لم أمت أنا ..لست مهمة لأحد .. البعض سيبكوني قليلا و لكن حياتهم لن تتوقف أما هذا الشاب فهو سند والدته و عرفت أن والده توفي بعده بشهرين ..

أشحت بنظري حتى لا أتذكر أكثر شخص ظل يدور فى خيالي لمدة عام .. هذا الشاب الذي كان أول لقاء لنابالقرب من منزلي فى 28 يناير العام الماضي و بالتحديد أمام فيلا مدير الأمن .. كان يرتدي (فانلة داحلية بيضاء) و يطعر الوشم بطول ذراعه .. صورة كلاسيكية للبلطجي الذي لا يشبه شباب 25 الطاهر .. وقفت امام الفيلا أنا و اختي لأننا من أهالي المنطقة و أخذنا نشير الى الفيلا و نهتف مدير أمن اسكندرية ده زعيم للبلطجية .. فاذا بي أجده يندفع الى داخل الفيلا فى الوقت الذي يقوم فيه شباب 25 الطاهر بالهتاف سلمية سلمية .. خرج من القيلا و هو يحمل تلفزيون ضخم أكبر من حجمه هو شخصيا .. هنا استفز الشباب الطاهر هذا فصرخ فيهم : أنا مش حرامي دي فلوسنا .. و رأيته يرفعه ليرميه على الأرض و اذا بوجهه يشرق بابتسامة عريضة تعبر عن ارتياح و أكمل طريقة.. عند هذه اللحظة قررنا أن نقوم بكردون حتى لا نكون متفرقين و يسهل اصطيادنا .. وقف أمامي متوسلا : "يا أبلة و النبي يا أبلة سيبيني أضرب القسم بطوبة ده انا ليا تار جوة لو تعرفي عملوا فيا ايه كنتي قولتي الدبح حلال فيهم " لم استطع الا ان أقول له : " لما نوصل أنا حضرب معاك طوب , انا كمان ليا تار معاهم " عندما وصلنا الى القسم كان القسم يحترق و كنا بجانب محطة بنزين فاذا بي أجده يقول لصديقي " رجع الحريم ورا مش عايزنهم يحصلهم حاجة " لم يكن يحمل اي شيئ بيده فقط الطوبة التى وعدني بها .. كانت عيني تدمع بشدة بسبب قنابل الغاز .. لم أجده امامي عندما فتحت عيني كان يقترب أكثر من القسم الذي يشتعل لهبا .. فجأة جذبنب صديقي ليبعدني عن باب القسم .. و فقط .. لم اعلم و انا مستمرة فى السير و أري المصابين و الجدماء هل نجا أم ذهب .

فى تلك اللحظة وجدت عيني تقع على صورة تشبهه تماما و تجلس تحتها سيدة تبكي بحرقة .. الى الآن أيضا لا اعلم هل هذه صورته أم أنني اراه فى كل الشهداء.

قررت ان أرفع راسي لألتقط أنتفاسي فرأيت صورته طفل لا يتجاوز الثانية عشر يقف فى وسط ثلاثة ألوان أحمر أبيض أسود لا يعنون له الآن شيئا .. ثلاثة ألوان لم تعره اي اهتمام .. ثلاثة ألوان السمته بلطجي .. ثلاثة الوان قررت ان تحي حماة قتلته بأنهم حماة الثورة .ز ثلاثة ألوان يبذل من أجلها دم النقياء و يظل على قيد الحياة من لا يهتم .. يظل على قيد الحية أشخاص مثلي يتم تلميعهم على الرغم من أنهم لم يخدشوا حتى .

نظرت الى أسفل فوجدت العديد من االأطفال لا يتجاوز عمرعهم 4 سنوات .. يبتسمون ابتسامة عريضة و يغنون : يا شهيد نام و ارتاح .. على وجوههم نفس الثلاث ألوان التي كانت خلف الشهيد.

هل سيلاقون نفس مصير ابائهم و اخوتهم فقط لأننا قررنا ان نسسي الثورة و قررنا ان نظل نفكر فى الانتخابات و الدستور و نسسي أن نلون على القل حياة الأقل حظا حتى يشعروا و انه بعد مرور عام ربما يكون هناك مساحة لهم ..

وقفت خارج الصوان لا أريد أن انضم للمسيرة الصغيرة .. هل أصبحت أخاف أن يدفع غيري ثمن مسيرتي فيموت و أستفيد انا منها .. لا أعلم .. و لكني لازلت أري وجهه فى كل مكان